عدد المساهمات : 567نقاط : 58416تاريخ التسجيل : 05/04/2009الموقع : منتدى لاتحزن إن الله معنا
موضوع: (( حوار مع السعادة )) الأربعاء أبريل 15, 2009 9:56 pm
(( حوار مع السعادة )) قيل للسعادة : أين تَسكُنين ؟ قالت : فى قلوب الراضين . قيل : فبِمَ تتغذين ؟ قالت : من قوة إيمانهم . قيل : فبِمَ تدومين ؟ قالت : بحُسن تدبيرهم . قيل : فبِمَ تُستَجْلبين ؟ قالت : أن تعلم النفس أن لن يصيبها إلاَّ ما كَتَبَ الله لها . قيل : فبم ترحلين ؟ قالت : بالطمع بعد القناعة ، وبالحرص بعد السماحة ، وبالهمَّ بعد السرور ، وبالشكَّ بعد اليقين . (( سعادتك فى أهدافك )) إن سبب شقاء كثير من الناس هو عدم وجود أهداف يسعون إلى تحقيقها ، وقد تكون لهم أهداف ، ولكنها ليست نبيلة أو سامية ، ولذلك فإنهم لا يشعرون بالسعادة فى تحقيقها . أما الذى يحقق السعادة فهو الهدف النبيل والغاية السامية . إن الأهداف العظيمة تتيح للفرد أن يتجاوز العقبات التى تعترض طريقه ، ويستطيع خلال ذلك أن ينتج فى وقت قصير ما ينتجه غيره فى وقت كبير جداً . فالمرء بلا هدف إنسان ضائع . فهل نتصور قائد طائرة يقلع ، وليس عنده مكان يريد الوصول إليه ، ولا خارطة توصله إلى ذلك المكان ؟!! ربما ينفد الوقود ، وتهوى طائرته ، وهو يفكّر إلى أين يذهب ، وأين المخطط الذى يوصله إلى وجهته (( سر السعادة )) إن سرَّ السعادة هو سكينة واطمئنان القلب ، مما يؤدى إلى استمتاع الانسان بحياته رغم مروره بالشدائد والنكبات . إنه السرُّ الذى باح به الإمام ابن القيم ، فقال : (( فى القلب شعثٌ لا يلمه إلا الإقبال على الله ، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأُنس بالله ، وفيه حُزن لا يُذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته ، وفيه قلق لا يُسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار إليه ، وفيه نيران حسراتٌ لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ، ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه ، وفيه فاقة لا يسدّها إلا محبته والانابة إليه ، ودوام ذكره ، وصدق الإخلاص له ، ولو أُعطى الدنيا وما فيها ، لم تُسدّ تلك الفاقة أبداً )) . إنها الصلة الربانية ، صلة الأرض بالسماء ، تجعل الانسان يعيش سعيداً ومطمئناً . إنه السرُّ الذى جعل الإمام أحمد بن حنبلٍ يعيش سعيداً ومطمئناً ، مع أن ثوبه مرقّع ، ويخيطه بيده ، ويسكن فى ثلاث غرفٍ من طين ، ولا يجد إلا كسرات الخبز مع الزيت ، وبقى حذاؤه - كما قال المترجمون - عنده سبع عشرة سنه ، يرقعه ويخيطه ، ويأكل اللحم فى الشهر مرة .. إنه بمقياس أهل الدنيا الآن : مسكين وحزين وتعيس . ولكن لا يعلم هؤلاء أن السعادة الداخلية والرضا الداخلى لا يشعر به أحد غير صاحبه ، لأنه بالداخل فى الأعماق ، ولأنه موصول بالله ، فهى الروح التى تنبض للحياة بالحركة ، والنور الذى يشع للإنسان طريقه ، إنه السرُّ فى صناعة النجاح .. وفى الحديث (( إذا أحبّ الله تعالى العبد ، نادى جبريل : إن الله تعالى يحبّ فلاناً فأحبّه ، فيحبّه جبريل ، فينادى فى أهل السماء : إن الله تعالى يحبّ فلاناً فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول فى الأرض )) متفق عليه : رواه البخارى (( سعادتك فى داخلك )) سعادتك فى داخلك فلماذا تبحث عنها بعيداً وتسافر فى طلبها . سعادتك فى إيمانك بالله - جلَّ وعلا - . سعادتك فى صُحبة الأخيار والتعايش مع كل حرف من حروف كتاب العزيز الغفار ، وفى التَّلذذ بذكر الواحد القهار . سعادتك فى إدخال البسمة والفرحة على اليتيم والمسكين والمريض والمُبتلى والمحزون . سعادتك فى الزهد فى الدنيا والتطلع لنعيم الجنة التى فيها ملا عينٌ رأت ، ولا أذنٌ سمعت ، ولا خطر على قلب بشر . (( السعادة فى داخل الإنسان )) السعادة ليست فى وفرة المال ، ولا سطوة الجاه ، ولا كثرة الولد ، ولا نيل المنفعة ، ولا فى العلم المادى . السعادة شئ معنوى لا يُرى بالعين ، ولا يُقاس بالكم ، ولا تحتويه الخزائن ، ولا يُشترى بالدينار ، أو الجنيه أو الروبل أو الدولار ... السعادة شئ يشعر به الإنسان بين جوانحه .. صفاء نفس ، وطمأنينة قلب ، وانشراح صدر ، وراحة ضمير . حدَّثوا أن زوجاً غاضَب زوجته ، فقال لها متوعداً : لأُشقينك ، فقالت الزوجة فى هدوء : لا تستطيع أن تُشقينى ، كما لا تملك أن تُسعدنى فقال الزوج فى حنق : وكيف لا أستطيع ؟ فقالت الزوجة فى ثقة : لو كانت السعادة فى راتب لقطعته عنى ، أو زينة من الحُلى لحرمتنى منها ولكنها فى شئ لا تملكه أنت ولا الناس أجمعون ! فقال الزوج فى دهشة : وما هو ؟ فقالت الزوجة فى يقين : إنى أجد سعادتى فى إيمانى ، وإيمانى فى قلبى ، وقلبى لا سلطان لأحد عليه غير ربى . هذه هى السعادة الحقَّةُ ، السعادة التى لايملك بشر أن يعطيها ، ولا يملك أن ينتزعها ممن أُتيها ، السعادة التى شعر بنشوتها أحد المؤمنين الصالحين فقال : إننا نعيش فى سعادة لو علم بها الملوك لجالدونا عليها بالسيوف !